logo.png
إشراقة
طباعة



إشراقة 

أ.د/ زغلول النجار 

أحمد الله تعالى وأصلي وأسلم على كافة أنبيائه ورسله، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وأخص منهم بأفضل الصلاة وأزكى التسليم خاتمهم أجمعين سيدنا محمد النبي الأمين، وآله وصحبه، ومن تبع هداه، ودعا بدعوته إلى يوم الدين.

فقد من الله تعالى على البشرية بأكثر من مائة وعشرين ألف نبي، واصطفى من هؤلاء الأنبياء أكثر من ثلاثمائة وبضع عشر رسولاً، كانت رسالتهم جميعاً الإسلام كما أخبرنا بذلك النبي الخاتم، والرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم، الذي تكاملت في رسالته كل الرسالات السابقة، فختمت ببعثته النبوات والرسالات، وانقطع وحي السماء. ومن هنا فقد تعهد ربنا تبارك وتعالى بحفظ رسالته الخاتمة فحفظت على مدى أربعة عشر قرناً أو يزيد، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها بنفس لغة الوحي (اللغة العربية)، محفوظة حفظاً كاملاً: كلمة كلمة، وحرفاً حرفاً، تحقيقاً لهذا الوعد الإلهي، في الوقت الذي تعرضت كل صور الوحي السابقة إما للضياع التام، أو لقدر من التحريف الذي أخرجها عن إطارها الرباني، وجعلها عاجزة عن هداية البشرية التي ضلت وأضلت....!!!

فرسالات السماء هي هداية من الله تعالى للإنسان في القضايا التي لا يستطيع الإنسان أن يضع لنفسه فيها تصوراً صحيحاً، أو ضوابط صحيحة، لكونها في دائرة الغيب المطلق، أو ضوابط للسلوك، من مثل قضايا العقيدة، والعبادة، والأخلاق، والمعاملات، وهي صلب الدين وركائزه، وهي قضايا إذا خاض فيها الإنسان بغير هداية ربانية خالصة فإنه يضل ضلالاً بعيداً. والذي يتأمل هذه القضايا في القرآن الكريم، وفي سنة الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم يجدها واضحة الدلالة على أن القرآن الكريم كلام الله، وأن النبي الخاتم الذي تلقاه كان موصولاً بالوحي، ومعلماً من قبل خالق السماوات والأرض.

ولكن لما كان في علم الله المحيط بكل شيء أن الإنسان سوف يصل في يوم من الأيام إلى مرحلة كالتي نعيشها اليوم، يتجمع له فيها من المعارف بالكون، ومكوناته، وسننه، ما لم يتوفر لجيل من الأجيال من قبل، فينبهر، باكتشافاته العلمية، وتطبيقاته التقنية، وينغمس في أمور الدنيا إلى آذانه، وينشغل عن أمور الدين وركائزه، أو يتجاهلها، أو ينكرها، فأبقى له الله في محكم كتابه، وفي سنة خاتم أنبيائه ورسله ما يقيم على الإنسان الحجة بمنطقه العلمي ما يحرك القلوب الواعية، والنفوس السوية، والعقول المنصفة، ويردها إلى الإيمان بالغيب الذي بدأت الحضارة المادية المعاصرة بإنكاره، وانتهت بحوثها العلمية إلى الإقرار به.

ومن الإسرار المكنونة في كتاب الله، وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم قصص عدد من الأمم السابقة، والذي جاء من قبيل استخلاص العبرة، واجتلاء الدرس، ولو أن علماء المسلمين اهتموا بتحقيق ذلك القصص تحقيقاً علمياً دقيقاً لكان من الأدلة الدامغة على صدق الوحي  بالقرآن، وصدق نبوة سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام.

ومن هذه الأسرار التي تخص زماننا تلك الإشارات إلى الكون ومكوناته وسننه، والتي جاءت في أكثر من ألف آية صريحة من آيات القرآن الكريم وفي العديد من أقوال المصطفى صلى الله عليه وسلم، والتي نسلم بورودها في مقام الاستدلال على طلاقة القدرة الإلهية المبدعة في الخلق، وفي التأكيد على أن الذي أبدع هذا الخلق قادر على إفنائه، وقادر على إعادة خلقه من جديد، وقد كانت قضايا الخلق والإفناء والبعث من حجج الكافرين، والمتشككين على مر التاريخ، ونسلم أيضاً بورود الآيات الكونية في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في مقام تنبيه المسلمين إلى أهمية التعرف على الكون، واستقراء سنن الله فيه وتوظيفها في عمارة الحياة على الأرض، وفي حسن القيام بواجب الاستخلاف فيها، ومع هذا التسليم تبقى هذه الإشارات بياناً من الله الخالق فلا بد وأن تكون حقاً مطلقاً، ولو أن علماء المسلمين اهتموا بتحقيق تلك الإشارات تحقيقاً علمياً دقيقاً، وبتقديمها للناس في عصر العلم والتقنية الذي نعيشه لكانت من أنصع الأدلة على أن القرآن الكريم هوكلام الخالق، وعلى النبي الخاتم الذي تلقاه كان موصولاً بالوحي، ومعلماً من قبل خالق السماوات والأرض، مما يثبت المؤمنين على إيمانهم، ويدعو غيرهم إلى الإيمان بهذا الدين الخاتم في زمن الضياع الذي يعيشه إنسان اليوم....!!!

ومن هنا فقد أحسنت رابطة العالم الإسلامي صنعاً بإنشاء هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة للقيام بهذه المهمة الجليلة، وأحسنت هذه الهيئة صنعاً بإصدارها مجلة الإعجاز العلمي التي أصبحت منارة على طريق الدعوة إلى الله بلغة العصر وأسلوبه فبارك الله في هذا الجهد المشكور، ووفق القائمين عليه إلى كل خير في زمن يتعرض الإسلام والمسلمون إلى هجمة شرسة من القوى المادية الكافرة والمشركة والمتشككة باسم العلم، والعلم من دعواها براء، والله الموفق والمستعان، وهو الهادي إلى سواء السبيل،،
 
https://www.eajaz.org//index.php/component/content/article/68-Issue-XI/598-Ishraqah