logo.png
أحكام الجراحة الطبية والآثار المترتبة عليها
طباعة



أحكام الجراحة الطبية والآثار المترتبة عليها

لفضيلة الدكتور محمد بن محمد المختار الشنقيطي




إعداد: إسماعيل القريشي الشريف


أحكام الجراحة الطبية والآثار المترتبة عليها) هذا عنوان كتاب أصله رسالة علمية قدمت في الجامعة الإسلامية لنيل الدرجة العالية العالمية (الدكتوراه) ونالت مرتبة الشرف مع التوصية بالطبع.


وهو بحث فقهي طبي رصين أجاب فيه المؤلف ـ حفظه الله ـ على كثير مما يتعرض له الأطباء وتلزم معرفته لكثير من مرضى المسلمين.

وقد نشرت الكتاب مكتبة دار الصحابة، وهو يقع في 709 صفحات مع الفهارس احتوت الرسالة العلمية على مقدمة وأربعة أبواب وخاتمة.

ويحتوي الباب الأول على فصلين
، وقد عرف المؤلف في الفصل الأول الجراحة الطبية في اللغة بأنها التأثير بآلة، ثم عرف الجراحة الطبية الحديثة بأنها: (إجراء جراحي بقصد إصلاح عاهة أو رتق تمزق، أو عطب، أو بقصد إفراغ صديد أو سائل مرضي آخر أو لاستئصال عضو مريض أو شاذ) وشرح التعريف، وذكر أهم أنواعها، ثم عرف الطب لغة بأنه الحذق والمداواة، وفي اصطلاح الأطباء المتقدمين ذكر عدة تعريفات اختار من بينها تعريفه بأنه: (علم يعرف منه أحوال بدن الإنسان من جهة ما يعرض لها من صحة وفساد).

وفي الفصل الثاني تناول الجراحة قبل الإسلام وبين فضل الأطباء المسلمين وإسهاماتهم في تطوير الجراحة ونماذج من تلك الإسهامات، وتكلم عن مشروعيتها إجمالاً لقوله تعالى: (
وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَآ أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا
)

ولقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم: (
إن أمثل ما تداويتم به الحجامة والقسط البحري
) ولقوله ـ صلى الله عليه وسلم: (
لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء برَأ ـ بإذن الله عز وجل
). إلى غير ذلك مما ذكره من أدلة الكتاب والسنة والإجماع والمعقول، مع بيان وجه دلالته

أ
ما الباب الثاني
فقد تناول فيه المؤلف الجراحة وقسَّمها إلى نوعين وتكلم عن كل نوع في فصل مستقل:

الفصل الأول:

في الجراحة الجائزة؛ وقد ذكر في هذا الفصل أن أهم شروط الجراحة هي:

1 ـ الحاجة إليها.

2 ـ إذن المريض.

3 ـ أهلية الطبيب.

4 ـ غلبة النجاح.

5 ـ أن لا يترتب عليها ضرر أكبر.

6 ـ أن لا يوجد بديل عن الجراحة .

ثم عدَّد أنواعًا من هذه الجراحة الجائزة وهي التي: (للعلاج، وجراحة الكشف، والولادة، والختان، والتشريح، والتجميل الحاجية).

وقسمها إلى قسمين: (ضرورية، وحاجية).

الفصل الثاني:

تناول الجراحة المحرمة وعرفها بأنها (الجراحة التي لم تتوفر فيها الدواعي المعتبرة شرعًا للترخيص بفعلها، وتعتبر مقاصدها من جنس المقاصد المحرمة شرعًا كالعبث بالخلقة وتغييرها طلبًا للجمال والحسن) كما هو الحال في جراحة التجميل التحسينية، وكتغيير الأعضاء التناسلية عند الرجل والمرأة كما هو الحال في جراحة تغيير الجنس، وكاستئصال الأعضاء وأجزائها على وجه الوقاية الموهومة كما هو الحال في الجراحة الوقائية. وأشار إلى سبب تحريمها بقوله: فهذه الأنواع من الجراحة دلت نصوص الشرع على حرمتها وكذلك شهدت قواعد الفقه بعدم جوازها.

وفي
الباب الثالث
تناول المؤلف في الفصل الأول الممهدات للعمل الجراحي كأحكام الفحص والتشخيص، والإذن كإذن المريض أو وليه بالجراحة، والتخدير والحالات التي يسقط فيها الإذن وأحكام التخدير. وفي الفصل الثاني منه تناول أحكام العمل الجراحي كالقطع، والاستئصال والشـق، ونقل الأعضــاء وزرعها والثقب، والتوسيع والرتق والكي والخياطة.



ففي الفصل الأول تناول المؤلف المسؤولية عن الجراحة وأقسامها ومشروعيتها وحدد أركانها في أمرين:

أ ـ المسؤولية الأخلاقية.

ب ـ المسؤولية المهنية وهي المتعلقة بالأطباء ومساعديهم، والمستشفيات الحكومية والأهلية.

وفي الفصل الثاني عدَّد أنواعًا من المسائل المتعلقة بالجراحة مثل: رخص العبادات والشروط والطوارئ والتخدير والإجارة.

وأجاب على تساؤلات فقهية كثيرة أوجز بعضها فيما يأتي:

هل يشترط إسلام الطبيب الجراح؟

ورأى عدم اشتراط ذلك وإن كان هو الأولى، إلا أنه لا يعتمد على قول الطبيب غير المسلم في الرخص المتعلقة بالعبادات.

وهل يجوز إجراء الجراحة عند استواء الاحتمالين (نجاح العملية وفشلها)؟

ورجح عدم الإقدام على العملية عندئذ.

وإذا امتنع المريض عن الإذن ومات بسبب المرض الجراحي هل يعتبر قاتلاً لنفسه؟

ورأى أنه لا يعتبر قاتلاً لنفسه وذلك لأن الشفاء بالجراحة من ذلك المرض المهلك غير مقطوع به، ومن هنا خالف ترك الطعام والشراب، وترك أكل الميتة للمضطر للقطع بنفع الأكل والشرب دون القطع بنجاح العملية.

وما حكم الكشف عن العورة من أجل فحص المرض؟

ورأى جواز ذلك في حالتي الاضطرار والحاجة دون التحسين.

وبم تثبت الحاجة إلى فعل الجراحة الطبية؟

وأجاب عنه بأنها تثبت بشهادة الطبيب المختص أنها علاج للألم أو الآفة. والمعتبر في ذلك الطبيب العدل فإن لم يوجد فالأمثل.

وهل يشترط إذن الوالي بفعل الجراحة الخطيرة؟

وخلص إلى أن الغرض هو تحقيق مصلحة المريض، وإذا كانت الجراحة خطيرة اعتبر فيها إذن ولي أمر المسلمين نظرًا لحرصه على مصلحتهم من أجل أن يمنع ذلك إذا رأى عدم المصلحة، ومن أجل رفع الخصومات.

وهل يجوز للرجال أن يقوموا بمعالجة النساء بالجراحة والعكس؟

ورأى جواز ذلك بشرط عدم وجود النظير، وأن توجد الحاجة الداعية للمداواة.

وهل يجوز نقل الدم لإسعاف المريض في الجراحة؟

ورأى أنـه لا حرج فيه على المريض ولا على الأطباء ولا على الشخص المتبرع، وبين مأخذ الحكم من النصوص والعلل وأقوال العلماء.

وذكر شروط جواز القيام بالعملية الجراحية وهي:

1 ـ حاجة المريض.

2 ـ تعذر البديل.

3 ـ عدم تضرر من يؤخذ منه.

4 ـ الاقتصار على الحاجة.

وبين أن شراءه للضرورة جائز للمشتري دون البائع لما رواه البخاري في صحيحه من نهي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن ثمن الدم.

إلى غير ذلك من المسائل المهمة التي أجاب عليها كحكم بيع الأعضاء الآدمية، وهل يؤخذ إقرار المريض أثناء التخدير؟ وهل يقع طلاقه؟ وهل يقضي الصلاة بعد إفاقته؟ وأخذ الإجارة على الجراحة وشروط ذلك؟ وهل يجوز قطع الأصبع الزائدة؟ وهل يجوز قطع العصب للتغلب على الألم؟ وهل يجوز شق بطن الحامل بعد موتها لإخراج جنينها إذا رجيت حياته؟

وفي الخاتمة أُورِدُ أهم النتائج التي توصل إليها والتي منها:

1 ـ مشروعية الجراحة وأن تعلُّمها فرض كفاية.

2 ـ أهمية جهود المسلمين السابقين في هذا العلم.

3 ـ شروط جواز العمليات الجراحية.

4 ـ  مسؤولية الجراحة الطبية، وترتب أثرها عند التفريط وخلاصته (الضمان أو القصاص أو التعزير).

5 ـ أن الجراحة موجبة للترخص في العبادات كالرخصة في التيمم والمسح، والصلاة مع عدم طهارة الثوب أو البدن للعذر، وكالصلاة قاعدا أو متكئًا.

6 ـ جواز التخدير عند الحاجة.

إلى غير ذلك من النتائج المهمة.

ولعلنا ـ إن شاء الله ـ في لقاءات قادمة نقف على بعض الأمثلة والمسائل العلمية التي تضمنتها هذه الرسالة العلمية النافعة بشيء من التفصيل، والله أسأله أن ينفع المسلمين وخاصة الأطباء والمعنيين بهذا الكتاب وأمثاله وأن يفقهنا في دينه إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير.
 
https://www.eajaz.org//index.php/component/content/article/68-Issue-XI/595-Provisions-of-surgery-and-medical-implications