logo.png
المدخل الإسلامي للهندسة الوراثية الإسلامية (1)
طباعة



الأستاذ الدكتور سالم نجم

إن علم الهندسة الوراثية يحتل مكانا مرموقا في الطب الحديث، وينمو بسرعة مضطردة، ويتطور بقفزات كبيرة غيرت كثيرا من المفاهيم الطبية التقليدية، وأعطت بدائل علاجية وبحثية نافعة للجنس البشري، عندما يستلزم العلماء العاملون في هذا الحقل بالموضوعية والأمانة العلمية وأدب المهنة.

إن من أهم وأسمى المبادئ التربوية في المنهج الإسلامي:الربط الوثيق بين تحصيل العلوم وتطبيقاتها بعد تقوى الله العظيم وطاعته والالتزام الدقيق بما أحله الله وحرمه في الكتاب والسنة. وتبعا لذلك فان العلوم واستخداماتها لابد أن تستثمر لصالح الإنسان، وسد حاجاته،والأخذ بيده إلى ما يصلح دينه ودنياه، وهذا هو العلم النافع المورث لخشية الله والذي دعا إليه الإسلام وأمر به. قال تعالى: {إِنّمَا يَخْشَى اللّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } فاطر: 28.

والإسلام ينهي عن استخدام العلم – أي علم – للإضرار بالخلق بكل ما تعنيه الكلمة من إفساد للإنسان، وللبيئة، وللحياة الحيوانية النباتية، كما تحرم الشريعة توجيه مكتسبات العلوم للتدمير، وإثارة الحروب، وتحقيق النزعات الشريرة في التسلط والظلم والاستعلاء في الأرض استجابة لهوى النفس واستجابة لوسوسة الشيطان، فلا مفر إذا من العمل على ضبط السلوك العلمي. ولئن كانت مظاهر ذلك الضبط كثيرة فنشير هنا إلى أن من المبادئ الأساسية لمنهج التعليم الإسلامي الالتزام بالأمانة العلمية،وتحري الموضوعات والتعمق في البحث وإتقانه، قال صلى الله عليه و سلم (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه) مجمع الزوائد 4/98.

نبذة عن الهندسة الوراثية:
التركيب الصبغي والمورثات للخلية البشرية chromosomal structure

"عالم متكامل من الوظائف والأدوات والإتقان يوجد في داخل الإنسان متمثلاً في الخلية ويشاهد في الشكل سلسلة من القواعد النتروجينية في النواة."

يحتوي جسم الإنسان البالغ – بشكل متوسط - على حوالي مائة مليار خلية في الدم منها: 25 مليار كرة دم حمراء و25 مليار كرة دم بيضاء، ومثلهما كذلك من الصفائح الدموية، ويحتوي المخ والنخاع على 13 مليار خلية عصبية،ومائة مليار خلية مساندة. إن المليمتر المكعب من الدم يحتوي على خمسة ملايين خلية دموية, وفي كل ثانية يخلق الله ويميت مليونين ونصف المليون من خلايا الدم الحمراء.وتحتوي كل خلية على 46 كروموسوما(صبغا) موجودة على هيئة أزواج (23زوج)، منها 22 زوجا متماثلة ثم الزوج الجنس يكون في الرجل زوج غير متماثل (xy ) (y للذكرx للأنثى) في حين أن المرآة تحوي زوجا متماثلا من الكروموسومات الأنثوية (xx) ويبلغ عدد الجينات في كل خلية مائة ألف جين – كل صفة وراثية موجودة على موضعين بهيئة متقابلة في كلا الزوجين من الكروموسومات، وبمعنى آخر فان كل صفة وراثية لا بد أن تأتى من الأب ومن الأم معا،يتكون كل صبغ – كروموسوم – من سلاسل حلزونية ملتفة حول محورها على هيئة سلالم، وتشكل كل سلسلة سلما رابطا بين قاعدتين أمينيتين NITROGENOUS حيث تتكون السلالم،ليصبح طول السلم حوالي مترين،ولكن الكروموسوم يلتف ويتكون حتى يصبح حجمه واحد من المليون من المليمتر أو اقل داخل نوية النواة في الخلية(1).

ويتكون الحامض النووي الريبي منزوع الأكسجين DNA من عدة نوويدات (نيوكيلوبتدات) ثم هناك أربع قواعد نيتروجينية يتصل كل اثنين منها معا= Adenine Thymine دائما وأبدا Guanine = Cytosine ويقوم الحامض النووي DNA في مورثة الخلية بالتحكم في نشاطها، وبه أسرار معقدة ويوجه الخلية ونشاطها وأنواع خمائرها وخصائصها ووظائفها، وهي مبرمجة بحيث لا تقوم بأي وظيفة إلا في الوقت المحدد والمكان المحدد مقدرة بتقدير خالقها سبحانه وتعالى الذي { خَلَقَ كُلّ شَيْءٍ فَقَدّرَهُ تَقْدِيراً}(الفرقان:2) و{الّذِيَ أَحْسَنَ كُلّ شَيْءٍ خَلَقَهُ..}(السجدة:7).

وكل ثلاث قواعد نيتروجينية تشكل كلمة السر أو الشفرة كودون codon التي تتحكم في حمض أميني واحد، تأمره بان يأخذ موقعه المحدد في الوقت المحدد والمبرمج لتكوين البروتين المطلوب، هذا البروتين مكون من سلسة من الأحماض الأمينة، وكل حمض فيها يقوم بعمل معين، وتتشكل الصبغيات على هيئة سبع مجموعات تحوي المجموعة الأولى (A) على ثلاثة أزواج، ثم المجموعة (B) على زوجان، ثم المجموعة(C) على سبعة أزواج ثم المجموعة(D) على ثلاثة، ثم المجموعة(E) على ثلاثة،ثم(F) على زوجان وأخيرا المجموعة(G) على زوجين، وفي النهاية يأتي الزوج الجنس ليكون المجموع 23 زوجا، ولقد أمكن معرفة الزيادة أو النقص في كل كروموسوم على وجه التحديد،ويتم فحص ذلك عن طريق خلايا الدم الليمفاوية أو خلايا جلدية من نوع (Fibroblasts) أو من الغدد التناسلية أو من سائل الجنين (الامنيوس) أو من (الزغابات المشيمية للجنين) وقد حدد العلماء هذه اللغة المبرمجة والمعقدة وقدروها بستة آلاف مليون حرف – (قاعدة نيتروجينية) = حرف – وكل كلمة مكونة من ثلاثة أحرف فقط، وكل جملة (مسئولة عن تكوين بروتين واحد فقط) مكونة من حوالي مائة ألف حرف (قاعدة نيتروجينية)، والمورثة هي الجملة المسئولة عن نشاط الخلية.ولقد تعرف العلماء على خصائص جينات تبلغ حوالي خمسة آلاف مورثة – جين – ولكنهم لم يعرفوا مواقع هذه المورثات على الكروموسوم المحدد الافي الف وخمسمائة مورثة وتمكنوا من رسم خرائط لهذه المورثات(GENE MAPPING) على الكروموسومات وامكن تحديد الكثير من هذه الجينات على اي كروموسوم وتشخيص الأمراض الوراثية تبعا لذلك.

ومعلوم ان الخلل الصبغي Chromosonal Abnormalities يحدث اثناء الانقسام الاختزالي في البويضة أو الحيوان المنوي (ويحوي كل منهم على 23 كروموسوم فقط) بمعنى ان اتحادهما في النطفة الأمشاج يؤدي إلى تكوين 23 زوجا مثل اية خلية اخرى في الجسم.

ومن أهم أنواع هذا الخلل الصبغي ما يلي:

1) زيادة في عدد الصبغيات: بحيث تصبح24 بدلا من23.

2) نقص في عدد الصبغيات: بان تصبح 22 بدلا من23.

3) خلل في تركيب أحد الصبغات بزيادة أو نقصان في طوله نتيجة فقد جزء من الكروموسوم أو إضافته إلى كروموسوم آخر وتسمى (Trans Location) اى: عدم فك الارتباط (Nondisjunction) بحيث تحتوي الخلية الجنسية لأي من الأب والام على 24 كروموسوم بدلا من 23، أو تحتوي على 22 بدلا من 23،وبذلك يكون العدد النهائي 47 أو 45 بدلا من 46 كروموسوم، وهو العدد الطبيعي للخلية البشرية غير الجنسية، وهذا يحدث في الانقسام الاختزالي في الخصية أو المبيض، ومن فضل الله وسعة رحمته أن هذه الأجنة تجهض تلقائيا، ونادرا ما يعيش الجنين.

ولهذا الخلل صور منها:

العدد الزائد (ثلاثي الصبغة) Triosomy

ويحدث هذا الخلل في الصبغيات الجسدية (Autosomal) أو في الصبغيات الجنسية(X Chromosome) من امثلة الصبغيات الثلاثية الجسدية (Triosom y) على الزوج رقم 21 تسبب مرض (Mongolism).

ويعاني الجنين من تخلف عقلي واستطالة في الرأس وانخفاض في أرنبة الآنف وميل الجفون إلى أعلى، مشابها وجهه الأطفال المغول وتكثر العيوب الخلقية في القلب والأصابع، ويحدث هذا التشوة أحيانا إذا حملت المرأة بعد سن الثلاثين (أول حمل لها) وكذلك هناك أمراض تنتج عن ثلاثية الصبغات في رقم 18، 13، 22 وتكثر فيهم التشوهات الخلقية الخارجية والداخلية في القلب والجهاز الهضمي وجهاز التنفس مع تخلف عقلي وسلوكي وتشوهات في الجهاز العصبي المركزي، ولكل خلل مرض معروف باسم معين.

جسيمات الجنس الثلاثية Sex chromosomes Triosomy:

1) متلازمة كلاين فلتر Klinfelter Syndrome والخلل هنا في الزوج الجنسي(xxy) بزيادة y وتعانى الانثي بسبب ذلك من تخلف عقلي وبلادة ذهنية وتشوهات خلقية بسبب زيادة كروموسوم الذكورة y.

2) الرجل الضخم superman:يحدث عندما يكون صبغي الذكورة طويل الأطراف xy وليس هناك إضافة عددية.ويتميز الشخص من جراء ذلك بزيادة في الطول والعرض، ويصبح عظيم الرجولة والفحولة والجراءة والأقدام في الخير والشر،وقد ثبت ان عتاة المجرمين يحملون هذا جاءت الكروموسوم،ومن هنا جاءت أسطورة (سوبرمان) والذي سنتحدث عنه لاحقا.

3) الخلل الصبغي التركيبي Sturctural Choromosmal Defcts يحدث بسبب كسر أو حذف لجزء بسيط من الصبغ إما نتيجة التعرض للأشعة أو العقاقير أو الفيروسات أو للأشعة نتيجة خلل في المورثات وهي خمسة أنواع تبعا لاسبابها.

أ- الانتقال Translocation بانتقال جزء من الكروموسوم إلى كروموسوم مقابل له، ولكن يظل العدد ثابتا (23 زوجا من الكروموسومات)، ونسل هؤلاء يتعرضون لتشوهات خلقية أو ظهور الأمراض المغولية.

ب - الحذف Deletion ويحدث عندما يحذف جزء مكسور من طرف الكروموسوم ويؤدي ذلك إلى تشوة خلقي. وهذا المرض يعرف باسم(مواء القطة)، ويكون الطفل فيه متخلفا عقليا ودماغه صغيرا مع عيوب خلقية في القلب وربما تكور الكروموسوم وشكل حلقة وينتهي كذلك بمرض تشوهات خلقية (عقلية وجسمية)، وهناك مرض آخر يسمى عواء الذئب من سبب مماثل.

ج - المضاعفة المزدوجة Duplication: حيث يتكرر إنتاج جزء بسيط من الكروموسوم ويحدث ازدواجا ومضاعفة مجموعة الجينات ويسبب كذلك مرضاً بسيطاً.

د - الانقلاب Inversion: حيث ينقل جزء من كروموسوم إلى كروموسوم آخر ويحدث تبادل للمادة الوراثية وينتهي الامر بمرض المغول Mongolism.

هـ- الانقسام الصبغي المماثل Iso chromosome: حيث يحصل الانقسام افقيا من المراكز ويؤدي ذلك إلى مرض Turner Syud وتكون المصابة انثى قصيرة الرقبة وعليها غشاء wed مع تشوهات في العظام والقلب ولا تحمل فهي عقيم.

التحورات – الطفرات (Mutations)

تحدث نتيجة اختلافات بسيطة على مستوى حامض DNA مما يسبب تغيرا وظيفيا في خواصة المورثة،ويحدث في الخلايا الجسدية والخلايا التناسلية،ويسبب تغيراً في أي زوج قاعدي لحامض DNA أو ضياع جزء من الحامض أو إضافة جزء منه أو إعادة ترتيب موضعه في المورثة ويترتب على ذلك بعض الأمراض الوراثية.

الطفرة اللامعقولة Nonsense Mutation

لسبب غير مفهوم يفقد الجين صوابه ويصدر أوامره إلى الحامض النووي RNA ليقطع اتصالاته بباقي أنظمة الخلية وبذلك يفقد وظيفته ولا ينتج أي مادة ويتبع ذلك ظهور اعراض مرضية محددة.

{وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}

أن الخلية في حقيقتها تشبه مدينة عظيمة تموج بالحياة والنشاط المعجز،ولها سور عظيم وبه بوابات تفتح وتقفل بأوامر سرية، ولها جيوش متنوعة دفاعية وهجومية، وجنود احتياط وتموين وعلاقات داخلية مضبوطة وأخرى خارجية مع خلايا أخرى مجاورة وبعيدة،ولها أجهزة حركية وكهرومغناطيسية وبيولوجية، ووصف الخلية يحتاج إلى مجلدات تحتوي على آلاف الصفحات، علماً بان حجم الخلية لا يزيد عن جزء من عشرة ملايين من المليمتر المكعب،وكلما ابتكر الإنسان مجهرا اكبر من سابقه كلما ظهرت تفاصيل جديدة مدهشة ومعقدة.

علما بان درجة تكبير احدث مجهر تبلغ مليون مرة، ولا يزال العلماء يجهلون معظم أسرار الخلية ونظام عملها وتخصصاتها، فسبحان من خلقها وأودع فيها الكثير من حكمته وإعجاز خلقه.وحيث أن خالق الخلية هو ذاته تعالى خالق الكون ومبدع كل شئ فانه يطيب لي أن أقارن بين ضآلة حجم الخلية وعظمة بناء أجهزتها ودقتها وقوانينها المحكمة،مع ضخامة حجم الكون وما به من ملايين المجرات وملايين ملايين من النجوم وتوابعها وما بهذا الكون من قوى إشعاعية وقوى كهرومغناطيسية وغير ذلك مما لا نهاية لإبعاده،حيث تقاس المسافات فيها بملايين السنين الضوئية في حين أن المسافات لأبعاد مكونات الخلية تقاس(بالنانامتر=1في البليون) وكلما ابتكر الإنسان تليسكوب اكبر كلما رأى في الكون عوالم أكبر وأعظم وخاصة بعد رؤية هذا الكون بالأشعة تحت الحمراء بدرجة يتوقف فيها العقل عن الإدراك والتصور مهما أوتي من خيال، وان قدرة الله وحكمته تجلت في إبداع هذا الكون وإبداع هذه الخلية. وكما ان في الكون إعجاز ففي أنفسنا كذلك إعجاز قال تعالى:{لَخَلْقُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ النّاسِ..} غافر:57. وقال عز وجل:{وَفِيَ أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ} الذاريات:21. ومن وصف رسول الله صلى الله عليه و سلم للجنة إخباره بأن فيها: (مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) متفق عليه.

والمدهش حقا ان لكل واحد من هذه المخلوقات عمراً محدداً، فهو يولد ثم يعيش ثم يموت، ويلحقه الفناء كباقي المخلوقات. قال تعالى:{كُلّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ}القصص:88،وقال سبحانه:{كُلّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ. وَيَبْقَىَ وَجْهُ رَبّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ }الرحمن:26، 27. والمخلوق عند ولادته يحمل بذرة فنائه وسبب موته، ثم تدور الحياة. وبين المولد والموت يعيش الإنسان وتتباين صفاته وقدراته وصحته ومرضه، وطاعته ومعصيته، وتلك سنة الله في الخلق عامة وفي الإنسان خاصة.يقول سبحانه وتعالى{ وَمَا يَسْتَوِي الأعْمَىَ وَالْبَصِيرُ. وَلاَ الظّلُمَاتُ وَلاَ النّورُ. وَلاَ الظّلّ وَلاَ الْحَرُورُ. وَمَا يَسْتَوِي الأحْيَآءُ وَلاَ الأمْوَات}فاطر19- 21،ويقول سبحانه:{وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ. وَمِنَ النّاسِ وَالدّوَآبّ وَالأنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنّمَا يَخْشَى اللّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}فاطر27، 28.

ومن سنن الله الماضية والقائمة ان يظهر المرض والعجز والتشوهات في بعض الناس للاختبار والابتلاء، ولملازمة الصبر الجميل والرضى بقضاء الله وقدره، وعندها يتذكر أصحاب العافية ما أولاهم الله من نعمة الصحة وعافية البدن فيقومون بواجب شكر هذه النعمة.

يقول الشيخ محمد حبيب بالخوخة:( وما يدرينا بان للخالق العليم الحكيم سرا في بقاء هؤلاء المشوهين على ما هم عليه من التشوه كأن يكون فيهم وبهم موعظة وعبرة للناس ويكون لهم في الآخرة اجزل التعويض عن أعاقتهم من المنعم الرحيم جل جلاله)( محمد حبيب بن الخوجة. عصمة دم الجنين المشوه. مجلة المجمع الفقهي الإسلامي. برابطة العالم الإسلامي. العدد الرابع. السنة الثانية 1989 م).

ويحمل الإنسان بذرة فنائه في مورثاته وبقدر الله يتحدد عمره وساعة موته معا،ولقد ثبت بان هناك مورثات تلعب دورا أساسيا في إصابة المرء بالأمراض السرطانية، كما ان هناك مورثات اخرى تزيد من مناعة الجسم ضد الأمراض،ومورثات اخرى تثبط المناعة وتجعل الإنسان ضعيفا لا يستطيع مقاومة الافات البيئية مثل تلك التي تحدث عند الإصابة بمرض نقص المناعة المكتسبة والمعروف باسم (الايدز) وأكتشفت مورثات تقاوم الإصابة بالحمى الروماتزمية والروماتويد واخرى تقاوم الإصابة بالاوبئة الجرثومية أو الفيروسية أو حتى الأمراض الطفيلية مثل البلهارسيا وإصابة الكبد والجهاز البولي التناسلي وهناك مورثات تقاوم الإشعاع وأخرى تقاوم السموم والكيماويات ومورثات لها علاقة مباشرة بأمراض الشرايين وداء البول السكري،وذلك يفسر إصابة بعض أفراد الأسرة الواحدة بينما ينجو الآخرون بقدرة الله رغم تعرضهم جميعا لنفس الظروف العائلية والحياتية.

وهذه المورثات(الجينات) ليست من النوع التي ينطبق عليها قوانين مندل لتوريث الأمراض من الآباء للأبناء،ولكنها خاصة بالتفاعل البيولوجية والكيماوية والأيضية * والبيئية وغيرها(1).

ومعظم الأمراض لا تنتج عن سبب واحد ولكنها متعددة الأسباب: منها ما هو بيئي مثل الكيماويات والعقاقير والاشعاع والطعام وتلوث البيئة بالسموميات والكائنات الدقيقة مثل الفيروسات والجراثيم، ومن الأسباب ما يمكن في الإنسان نفسة من حيث بنائه وقدرته على المقاومة وفاعلية أجهزته المناعية، والسبب الأهم هي المورثات التي يحملها في خلاياه.هذه النوعية من الأمراض تسمى متعددة العوامل (Multifactorial - dis) وهي اكثر ما يتعرض له الإنسان في حياته وتؤدي به بقدر الله إلى انتهاء اجله.

.....................................................................

* الإيض كلمة تشير إلى التفاعلات الكيميائية والبيولوجية والتمثيل الغذائي في جسم الكائن الحي.

 
https://www.eajaz.org//index.php/component/content/article/61-Third-Issue/884-Entrance-for-Genetic-Engineering-Islamic-Islamic-(1)