الدلالة النصية:
ظاهر الروايات أن السواك يطهر الفم بصريح اللفظ في الحديث النبوي؛ والتطهير يقتضي أنه يزيل أعداداً هائلة من الجراثيم التي تنمو داخل الفم، وتسبب رائحته الكريهة، ونخر الأسنان، والتهابات اللثة والحلق، وقد أثبتت الأبحاث العلمية أنّ السواك يقوم بدور فعال في القضاء عليها، وقد أستاك النبي صلى الله عليه وسلم بسواك من الأراك، وشجرة الأراك دائمة الخضرة، وهي تنمو في المناطق الحارة مثل جنوب السعودية واليمن والسودان، ويؤخذ السواك من جذورها وأغصانها الصغيرة.
قال ابن القيم: "يستحب السواك للمفطر والصائم وفي كل وقت لعموم الأحاديث الواردة فيه، ولحاجة الصائم إليه، ولأنه مرضاة للرب، ومرضاته مطلوبة في الصوم أشدّ من طلبها في الفطر، ولأنه مطهرة للفم والطهور للصائم من أفضل أعماله".
الحقيقة العلمية:
والفم بحكم موقعه كمدخل للطعام والشراب وباتصاله بالعالم الخارجي يصبح مضيفا لكثير من الجراثيم؛ والتي تسمى "الزمرة الجرثومية الفمية"، وهي تضم أنواعاً عديدة تصنف تبعا لأشكالها مثل المكورات والعصيات والملتويات، وهذه الجراثيم تكون عند الشخص السليم متعايشة معه، ولكنها تنقلب ممرضة مؤذية إذا بقيت لفترة طويلة تتكاثر في الفم، فهي تتغذى على فضلات الطعام وتعمل على تفسخها وتخمرها فتنشأ عنها روائح كريهة، وهذه المواد تؤذي الأسنان وتحدث فيها النخر، ومع تراكم الأملاح حول الأسنان يحدث فيها القلح، وقد تؤدي إلى التهاب اللثة وتقيحها، كما يمكن لهذه الجراثيم مع ضعف مقاومة الجسم مثل حالات ضعف جهاز المناعة أن تنتقل بعيداً في أرجاء البدن محدثة التهابات مختلفة كالتهاب المعدة أو الجيوب الأنفية أو الشعب الهوائية، وهنا يأتي دور السواك في تطهير الفم.
وقد أوردت مجلة المجلة الألمانية الشرقية في عددها الرابع سنة 1961م مقالاً للدكتور رودات مدير معهد الجراثيم في جامعة روستوك يقول فيه: "قرأت عن السِّواك الذي يستعمله العرب كفرشاة للأسنان في كتاب لرحالة زار بلادهم...، وفكرت لماذا لا يكون وراء هذه القطعة الخشبية حقيقة علمية؟، وجاءت الفرصة سانحة عندما أحضر زميل لي من العاملين في حقل الجراثيم في السودان عدداً من تلك الأعواد الخشبية، وفوراً بدأت أبحاثي عليها، فسحقتها وبللتها ووضعت المسحوق المبلل على مزارع الجراثيم، فظهرت على المزارع آثار كلتك التي يقوم بها البنسلين (كمطهر للجراثيم)"، وتؤكد الأبحاث المخبرية الحديثة أن المسواك المخضر من عود الأراك يحتوي على العفص بنسبة كبيرة، وهو مادة قابضة مطهرة مضادة للعفونة، وهي تعمل على قطع نزيف اللثة وتقويتها، كما تؤكد وجود مادة خردلية هي السنجرين Sinnigrin ذات رائحة حادة وطعم حراق تساعد على الفتك بالجراثيم، وتقوم ألياف السواك بالإضافة لبعض المواد الكيماوية إلى تنظيف الأسنان وإزالة القلح عنها، وقد أكدت بعض الدراسات وجود مواد تزيد بياض الأسنان، وتعمل على حمايتها من التسوس.
وجه الإعجاز:
لقد أثبتت الأبحاث العلمية المستفيضة عبر العقود الزمنية الأخيرة أن الأراك يحتوي على مواد كثيرة مُعقّمة وواقية من مختلف أنواع الجراثيم وغيرها من مسببات الالتهاب والتسوس، وهذا يتطابق مع قول الرسول صلى الله عليه وسلم في وصفه للسواك بأنه: "مطهرة للفم"، وبما أن البشر كانوا على جهالة بهذه الحقيقة العلمية فالنص يعتبر مثالاً للإعجاز العلمي.
: Related references
"Salvadora persica". World Agroforestry Centre. 2009-02-16