عدة المرأة (بيولوجياً) | العدد التاسع والعشرون
عدة المرأة (بيولوجياً)
صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك




بيولوجياً
) أ.د. صالح عبدالعزيز الكريِّم
تميّزت الشريعة الإسلامية بتوجيه بيولوجي دقيق يخص المجتمع والأسرة ويحمي المرأة والجنين وهو فترة العدة للمرأة وكان التوجيه ملاحظاً فيه التباين والاختلاف بناء على وضع المرأة البيولوجي وهي على أربع حالات، عدة المرأة المطلقة ثلاثة قروء.
كما قال تعالى: (
وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ
)(
البقرة: 228
)، وعدة المرأة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشراً كما قال تعالى: (
وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا
)(
البقرة: 234
)، وعدة المرأة الحامل سواء المطلقة أو المتوفى عنها زوجها عدتها أن تضع حملها كما قال تعالى: (
وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ
)(
الطلاق: 4
)، وعدة المرأة الكبيرة (
اليائسة من الحيض
) أو الصغيرة (
التي لا تحيض
) هي ثلاثة أشهر كما قال تعالى: (
وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ المَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ
) (
الطلاق: 4
). إن عدة المرأة بهذا التباين والاختلاف إنما بسبب الناحية البيولوجية للمبيض والرحم وكلاهما يعتمد اعتماداً كلياً على الوضع الفسيولوجي والهرموني للمرأة وهناك تبادل للعلاقة بين النواحي الفسيولوجية والنفسية عند المرأة لذلك فإن الله ـ سبحانه وتعالى ـ وجه المرأة صاحبة العدة أن تحصي العدة وفق النظام الإلهي دون أي اعتبار للتقاليد، كما قال تعالى: (
وَأَحْصُوا العِدَّةَ
)(
الطلاق: 1
)، فمن الناحية البيولوجية عدة الحامل بمجرد وضع الحمل حتى ولو بعد طلاق المرأة أو وفاة زوجها بيوم واحد فإن عدتها تنتهي ولا يصبح عليها عدة لأن رحمها قد استبرأ ومبيضها لا يمكن أن يفرز بويضات إلا بعد الولادة فليس هناك مجال للإخصاب والتلقيح إلا بعد وضع الحمل. أما المطلقة (
غير الحامل
) فقد ربط القرآن الكريم عدتها بالناحية البيولوجية الصرفة وهو الحيض أو الطهر (
القروء
) ولم يربطها بالأشهر لسببين أولهما: لكي لا تطول فترة العدة على المرأة فبالتالي إمكانية أن تتزوج لأنه يمكن أن تحدث ثلاث حيضات كحد أدنى خلال شهرين أو شهر ونصف، أما السبب الثاني فهو: لإلغاء فكرة الإجهاض المخفي أو التأكد من إظهار علامات الحمل أو استحالة الإخصاب والتلقيح. أما المرأة الكبيرة اليائسة أو الصغيرة التي تحيض فقد ربط القرآن الكريم عدتهما بمدة زمنية (
ثلاثة شهور
) ليتأكد للكبيرة غير مستقرة الدورة الرحمية (
الشهرية
) بيولوجياً عدم نزول بويضات يمكن أن تخصب ولتنبيه الصغيرة التي يحتمل أن تبدأ عندها الدورة الرحمية وبالتالي يبدأ عندها نزول بويضة يمكن أن تخصب، أما المتوفى عنها زوجها (
غير الحامل
) فعدتها أربعة أشهر وعشراً فكانت بالأشهر والأيام تحسباً لحالتها النفسية التي تعيشها وتأثيرها على النواحي الفسيولوجية والهرمونية مما قد ينتج عنه تأخر للحيض عندها أو وقوعها في (
لخبطة
) في دورتها الرحمية وتتداخل عليها أيام الحيض أو تكراره كما أن الهدف الآخر هو التأكيد 100% على عدم وجود حمل من الزوج المتوفى أو حدوث إجهاض الجنين يظنه البعض دم حيض وهو دم فاسد أو دم نزف الزوائد المرضية في عنق الرحم الخارجي أو نتيجة لإصابته بكدمة أو جرح وكذا الدماء التي تنزل على المصابات بالحمل الكاذب أو بمتلازمة التوأم المتلاشي حيث يحدث نزيف للمرأة نتيجة هلاك أحد التوأمين وقد يستمر هذا النزيف فترة تظن به المرأة أنه حيض على حملها المتنامي للجنين الآخر وبالتالي يكون هناك جنين (
طفل
) من والد قد توفي إلى ـ رحمة الله ـ، فهذه الدماء لا يمكن أن تكون دم حيض وبالتالي فإن عدة المرأة تحتاج إلى فترة زمنية أكبر وليست بحاجة إلى عدة بعدد الحيضات أو الطهر.
أما المرأة التي يعقد عليها الرجل ثم لا يدخل بها أو يمسها فإن توجيه القرآن الكريم أنه ليس عليها عدة كما قال تعالى: (
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا نَكَحْتُمُ المُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِن عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا
)(
الأحزاب: 49
)، هذا هو حكم الله ـ سبحانه وتعالى ـ وتوجيهه في العدة، حاولت أن أظهر شيئاً من الحكم البيولوجية لكن هناك بلا شك حكماً نفسية واجتماعية مما لا نعلمه ففوق كل ذي علم عليم.. والله أعلم وأحكم.