logo.png
الأرض فراشاً والسماء بناء
طباعة



الأرض فراشاً والسماء بناء

إعداد اللجنة العلمية بهيئة الإعجاز العلمي

آيات قرآنية وشواهد علمية

تتناول هذه الزاوية بعض الآيات القرآنية بالشرح والتحليل وذلك ببيان مدلولاتها اللغوية والتفسيرية ثم إيراد الشواهد العلمية التي يمكن أن تتوافق مع هذه الدلالات لتكون مدخلا لكتابة موسوعة عن الآيات الكونية في القرآن الكريم.

الحلقة الأولى: وتتضمن تدبر قول الله تعالى:(الـَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَآءَ بِنـَآءً وأَنزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لـَّكُمْ فَلا تَجْعَلُواْ لِلـَّهِ أَندَادًا وَأَنْتـُمْ تَعْلَمُونَ)البقرة(22).

يفهم من الآية الكريمة أنها تتحدث عن نشأة الغلاف السطحي لكوكب الأرض والغلاف الجوي المحيط بها وتكون السحب ونزول الأمطار منها وتسخير كل ذلك للإنسان الذي يجب عليه أن يعي ويدرك هذه الحقائق لتكون باعثا من بواعث اليقين لديه والذي يحقق به كمال العبودية لله جل في علاه. وسنعرض ملخصا للدلالات اللغوية وأقوال المفسرين في الآية والجوانب العلمية في المواضيع التي طرحتها كما أوردها المختصون ثم نبين على ضوء ذلك أوجه الإعجاز العلمي في هذه الآية الكريمة.

1ـ الدلالة اللغوية في النص:(الـَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ)

الأرض هي الجرم -الكثيف-المقابل للسماء، وجمعه : أرضون، وقد وردت الأرض في القرآن على معان مختلفة حسب السياق (1) كما يأتي لفظ الجعل على معان عدة منها : كما في قوله تعالى(الـَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ) أي صيرها، ومنها خلق، كقوله تعالى :(وَجَعَلَ الظـُّلــُمَاتِ وَالنــُّورَ) (3) ، ويأتي بمعنى: سَمّى، ومنه قوله تعالى :(مَا جَعَلَ اللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلا سَآئِبَةٍ) (4) ، والمنصوبان بعده(فراشا وسماء) مفعولاه (5) . و اسم الموصول(الذي) منصوب على نعت لـ(ربكم) أو بدل منه، أو مقطوع على تقدير: أخص (2) .

والفراش: الوطاء، والمعنى: أنهم يفترشونها ويستقرون عليها، وما ليس منها بفراش كالجبال والبحار فهو من مصالح ما يفرش لأن الجبال للأرض كالأوتاد، كما قال تعالى:(وَالْجِبَالَ أَوْتَادً)

(6) وجعلها متوسطة بين الصلابة واللين صالحة للقعود عليها والنوم فيها كالبساط المفروش (7) .(وَالسَّمَآءَ بِـنـَآءً) : السماء للأرض كالسقف للبيت، ولهذا قال ـ الله ـ وقوله الحق:(وَجَعَلْنـَا السَّمَآءَ سَقْفًا مَحْفـُوظً) ، وكل ما علا فأظل قيل له سماء (8) وهي اسم جنس يطلق على الواحد والمتعدد(9) ، والبناء وضع لبنة على أخرى حتى تثبت (10) ، والبناء في الأصل مصدر سمي به المبنى، بيتا كان أو قبة أو خباء (11) ، وإنزال الماء من السماء إما لأنه من جهتها وهذا الظاهر،وقد يكون منها حقيقة وقوله:(فَأَخْرَجَ بِهِ) أي بسببه (12) وقيل: الباء للتبعيض (13) . فكأنه قيل: وأنزلنا من السماء بعض الماء فأخرجنا به بعض الثمرات ليكون بعض رزقكم (14)
2 ـ أقوال المفسرين:

يقول ابن كثير ـ رحمه الله: شرع تبارك وتعالى في بيان وحدانية ألوهيته بأنه تعالى هو المنعم على عبيده بإخراجهم من العدم إلى الوجود وإسباغه عليهم النعم الظاهرة والباطنة بأن جعل لهم الأرض فراشا أي مهدا كالفراش مقررة موطأة مثبتة بالرواسي الشامخات، والسماء بناء وهو السقف كما قال في الآية الأخرى(وَجَعَلْنَا السَّمَآءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ ءَايَاتِهَا مُعْرِضُونَ)

وأنزل لهم من السماء ماء والمراد به السحاب هاهنا ـ في وقته عند احتياجهم إليه فأخرج لهم به من أنواع الزروع والثمار ما هو مشاهد رزقا لهم ولأنعامهم (15) .

ويقول الطاهر ابن عاشور ـ رحمه الله: والمراد بالسماء هنا إطلاقها العرفي عند العرب، وهو ما يبدو للناظر كالقبة الزرقاء وهو كرة الهواء المحيط بالأرض كما هو المراد في قوله:(أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَآءِ)(16) . قال صاحب الكشاف ـ رحمه الله ـ في تفسير قوله تعالى:(الـَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ فِرَاش): فإن قلت: هل فيه دليل على أن الأرض مسطحة وليست بكروية؟ قلت: ليس فيه إلا أن الناس يفترشونها كما يفعلون بالمفارش، وسواء كانت على شكل السطح أو شكل الكرة فالإفتراش غير مستنكر ولا مدفوع لعظم حجمها واتساع جرمها وتباعد أطرافها، وإذا كان متسهلا في الجبل وهو وتد من أوتاد الأرض فهو في الأرض ذات الطول والعرض أسهل (17) ، أما الألوسي فيقول: ولا ينافي كرويتها كونها(فِرَاش)

لأن الكرة إذا عظمت كان كل قطعة منها كالسطح في افتراشه كما لا يخفى (18) .

وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن الأرض خلقت قبل خلق السماء غير مدحوة فدحيت بعد خلقها ومدت ـ فأمر التصيير حينئذ ظاهر(19) .

3ـ الشواهد العلمية

سنعرض باختصار إلى المواضيع الثلاثة التي أشارت إليها الآية: سطح الأرض وطبقاتها المختلفة وتضاريس قشرة الأرض والعوامل المختلفة التي تجعل هذه القشرة ممهدة ومستقرة كالفراش ثم نشأة الغلاف الجوي وتكوينه والعوامل التي جعلته كالبناء أو السقف أو الخباء فوق سطح الأرض وأخيرا نعرض لنشأة الأمطار وأنواعها.

أولا: طبقات الأرض وسطحها:

تكونت الأرض وتشكلت على هيئة كرة ليست تامة الاستدارة حيث يتفلطح سطحها عند القطبين ويبلغ قطرها القطبي 7900 ميل بينما يبلغ القطر الاستوائي 7928 ميلاً . ويبلغ حجم الأرض عامة 260 بليون ميل3 بينما يبلغ حجم قشرة الأرض 2 بليون ميل3، وتبلغ مساحة سطح الكرة الأرضية 198 مليون ميل2(20) .

تتكون الأرض بعد أن هيأها الله للحياة من سبع طبقات(21) :

أ - قشرة الأرض: التي يطلق عليها النطاق الصخري Lithosphere وتتكون من طبقتين هما :

1 ـ طبقة السيال الخارجية: Sial وتتألف منها صخور القارات وهي قليلة الكثافة، وتتركب من معادن خفيفة الوزن وكثافتها نحو 2,8 وسمكها نحو عشرة أميال، وترق أسفل البحار والمحيطات حتى تكون معدومة في قاع المحيط الهادئ.

2 ـ طبقة السيما السفلية: Sima وتتألف منها صخور أرضية المحيطات، وهي تقع أسفل طبقة السيال، وتصل كثافتها إلى 3,4 وتتركب من معادن ثقيلة الوزن، ويصل سمكها إلى نحو 40 ميلا، وتنفصل طبقة السيما عن طبقة السيال بفاصل يعرف باسم حد الأندسيت.

.Andesite Line

ب ــ طبقة الغطاء الداخلي للأرض

(المانتيل) : mantle وهذه تتركب هي الأخرى من طبقتين هما من أعلى إلى أسفل ما يلي:

1 ـ طبقة الأثنوسفير: Asthenosphere وهي الطبقة العليا من المانتل التي تقع أسفل قشرة الأرض مباشرة وتصل كثافة موادها إلى 4 ولا يزيد سمكها على 275 ميلا.

2 ـ طبقة الميزوسفير: Mesosphere وهي الطبقة السفلى من المانتل وتصل كثافة موادها إلى 5,5 وسمكها نحو 1575 ميلاً وتنفصل طبقة الغطاء الداخلي للأرض

(الأثنوسفير والميزوسفير معا) عن قشرة الأرض بفاصل جيوفيزيقي يعرف باسم الحد الموهورفيشي Mohorovicic وهو الحد الذي تبلغ فيه سرعة الموجات الزلزالية 8,1كم/ثانية. وتزداد سرعة هذه الموجات على ذلك كلما اتجهنا داخل باطن الأرض.

جـ ــ الطبقة الداخلية المركزية للأرض: Centrosphere وهذه يصل سمكها نحو 2100 ميل وتقع اسفل طبقة الغطاء الداخلي للارض

(المانتل) وتتألف بدورها من طبقتين:

1 ـ الطبقة العليا المركزية: وتصل كثافتها إلى 7,5 وتنكسر فيها الموجات الزلزالية، وموادها في حالة لدنة تبعاً للضغط الشديد الواقع عليها ويصل سمكها إلى نحو 1000 ميل.

2 ـ الطبقة السفلى المركزية: وتصل كثافتها إلى 9 وتتألف اساساً من مواد معدنية ثقيلة جدا، وتتجمع معها المواد المشعة، وتمثل الفرن الناري لجوف الأرض ويقدر سمكها بنحـو 700 ميل.

د ـــ قلب الأرض: Core ويمثل النواة المركزية للأرض وثقلها الشديد الذي جعله الله فيها ليحفظ للأرض وزنها وتوازنها وموقعها في الكون، وتصل كثافتها إلى 11، ويتركب من الحديد والنيكل وهو بؤرة نشوء التيارات الحرارية الصاعدة الناجمة عن فعل المواد المشعة في قلب الأرض التي بدورها تؤثر في تشكيل مظهر سطح الأرض وظواهره الكبرى وتكوين أغلفته المختلفة، ويقدر سمك قلب الأرض بنحو 400 ميل.

تضاريس سطح الأرض

يتألف سطح الأرض من سلاسل جبلية عالية وهضاب واسعة الامتداد وسهول مترامية الأطراف، وتلال متناثرة منفردة هنا وهناك، وسبخات وبحيرات وأغوار وخلجان وبحار ومحيطات. كما تتقطع صخور قشرة الأرض بالأنهار والوديان ويتفجر منها الينابيع والعيون المائية، وكل من هذه الظواهر المختلفة موزعاً توزيعاً محكماً وبقدر معلوم على سطح الأرض.

بعض الظواهر التضـــــاريسية الرئيسية لسطح الأرض والتي تجعلها فراشا:

أولا/ السهول:

يطلق تعبير

(سهول Plains ( على تلك الاراضي المستوية السطح، القليلة التضرس، الضعيفة الانحدار، بغض النظر عن عوامل التعرية المختلفة التي ساهمت في تكوينها ونشاتها. ويمكن تصنيف السهول إلى ثلاث مجموعات رئيسة هي:

أ ـ السهول الساحلية: وتتمثل بجوار خط الساحل والمناطق القريبة منه، ولا يزيد منسوبها غالباً على 500 قدم فوق مستوى سطح البحر.

ب ـ السهول الفيضية النهرية: وتتمثل بأراضي الأودية النهرية وفوق قاعها وتتألف رواسبها من الحبيبات الصخرية التي حملها النهر وروافده من مناطق المنابع ونقلها إلى المناطق الوسطى والدنيا من حوض النهر، ويختلف منسوب السهول الفيضية النهرية من موقع إلى آخر على طول أرضية الوادي النهري.

ج ـ السهول التحاتية الجبلية: تتكون السهول بفعل عوامل تعرية مختلفة، وتتمثل بقاياها فوق أعالي الجبال ومناطق ما بين الأودية النهرية وخطوط تقسيم المياه بين الأودية النهرية المختلفة، ومن ثم يختلف منسوب كل من مجموعاتها من موقع إلى آخر.

وعلى الرغم من تنوع مجموعات هذه السهول واختلاف ظروف نشأتها إلا أن أهم الخصائص المشتركة بين هذه المجموعات السهلية هو عظم امتدادها، واستواء أسطحها وقلة تضرسها، ولا يزيد متوسط درجة الانحدار العام لسطحها على خمس درجات.

ويعيش الإنسان على سطح الأرض الذي يمثل أعالي قشرتها الخارجية. وهذه القشرة عبارة عن غلاف صخري رقيق السمك يحيط بالكرة الأرضية، ولكن من حيث الامتداد الأفقي لليابس على سطح الكرة الأرضية فإنه يمثل 29,20% من جملة مساحة سطحها في حين تمثل المسطحات المائية نحو 70,80% من جملة مساحة سطح الكرة الأرضية البالغ نحو 510 مليون كم2. ومساحة السهول أكبر بكثير من مساحة المناطق الجبلية المرتفعة على سطح الأرض، فالاراضي التي يزيد منسوبها على 1000 متر لا تتعدى نسبتها 15% من جملة مساحة اليابسة. وتمثل السهول الخصبة والسهول الفيضية وسهول الدلتاوات أهم مناطق الاستغلال الاقتصادي والتركيز العمراني والسكاني للإنسان على سطح الأرض.

(ثانياً) : الهضاب:

ويشتمل سطح الأرض على أراضٍ مرتفعة المنسوب ومستوية السطح وواسعة الامتداد، ولها جوانب عالية شديدة الانحدار تعرف باسم الهضاب Plateaux فسطح الهضاب ـ أيضاً ـ سطح مستوٍ كالسهول إلا أنها أكثر ارتفاعاً بالنسبة لمستوى الأراضي المجاورة لها.

هذا الارتفاع يتيح للإنسان التمتع بالمناخ المعتدل وزراعة المحاصيل المختلفة كما يؤدي إلى نمو الغابات والنباتات الطبيعية المختلفة وفقاً لدرجات الحرارة المتنوعة وكميات المطر الساقط على كل هذه الهضاب.

والهضاب على سطح الأرض أشكال وانواع يختلف كل منها عن الأخرى، وقد ميز العلم مجموعات مختلفة من الهضاب تتمثل في الهضاب البركانية والصدعية.

لكي تكون الأرض فراشا ومهادا لابد أن يستقر سطحها فكيف يحدث ذلك؟:

يستقر سطح الأرض بعدة عوامل منها(22) :

1 ـ التوازن الاستاتيكي للقشرة الأرضية:

حيث تتوازن أجزاء سطح الأرض فوق المواد السفلية شبه اللزجة من قشرة الأرض وتشبه طوفان جبال الثلج العائمة فوق مياه البحار القطبية. وتتميز قاعدة قشرة الأرض عن بقية مواد باطن الأرض عن طـريق الضغـط المتسـاوي فوق السيمـا وعند حالة التوازن التام يطلق على القشرة الأرضية بأنها متوازنة فوق ما تحتها من مواد.وتشكل الجبال بجذورها الممتدة في باطن الأرض ـ والتي يمكن أن تصل إلى عشرة أضعاف ارتفاعها فوق سطح الأرض ـ العامل الرئيسي في هذا التوازن. وبهذا يتحقق كونها مهادا وفراشا وقرارا.

2 ـ حركة الأرض ودورها في القرار:

للارض حركتان: الأولى حركة الأرض حيث تدور حول محورها الوهمي من الغرب إلى الشرق دورة كاملة في مدة تستغرق يوماً كاملاً بسرعة قصوى عند الدائرة الاستوائية تصل إلى 465 متر/الثانية.

والحركة الثانية هي الحركة الانتقالية حيث تدور الأرض حول الشمس من الغرب إلى الشرق في مدار إهليلجي خاص بها لا تحيد عنه، وتتم دورة كاملة في هذا المدار في مدة سنة كاملة.

وينتج عن الحركة المحورية قوتان ساعدتا في كون الأرض قرارا وفراشا::قوة الطرد المركزية والتي تتناسب مع قوة الجذب الشمسي على طول مربع المسافة بين مركزي الشمس والأرض، ومن ثم أصبح لكوكب الأرض مدار خاص لا يحيد عنه، وقد ظل منذ نشأته على مسافة ثابتة مقدرة من نجم الشمس ويسبح في مداره الإهليلجي حولها دون توقف ودون تغير في سرعة دورانه. والقوة الثانية هي: جاذبية الأرض حيث تجمعت المعادن الثقيلة في باطن الأرض نتيجة للحركة المحورية الدائمة لكوكب الأرض بينما تألفت قشرتها الخارجية من معادن خفيفة،وتتركب الطبقة المركزية في باطن الأرض من معادن ثقيلة جداً مثل الحديد والنيكل، وتصل كثافتها خمسة أضعاف كثافة القشرة، ومن ثم اكتسبت الأرض ثقلها وقوة جاذبيتها، ولولا تجمع المعادن الثقيلة والمواد المشعة في باطن الأرض لما استطاعت الأرض أن تحتفظ بما يوجد على سطحها ولانفلت الغلاف الغازي في الفضاء السماوي بعيداً عن سطح الأرض. وعلى ذلك يمكن القول بأن مياه البحار والمحيطات والغلاف الغازي الذي يحيط بالأرض والإنسان الذي يعيش على سطحها وما أقامه عليها من منشآت عمرانية، وكل ما هو موجود على السطح الكروي للأرض مثبت عليها بفعل قوة الجاذبية الأرضية. وجعل الله الأرض في حركة مستمرة للإبقاء على توازنها وموقعها في الفضاء السماوي ولاستمرار احتفاظها بقوة جاذبيتها وثقلها.

ثانياً: الغلاف الـجوي لكوكب الأرض نشأة الغلاف الـجوي:

حاول العلماء معرفة كيفية نشوء الغلاف الجوي بمقارنة الخصائص العامة لكوكب الأرض وبقية كواكب المجموعة الشمسية وقد اتضح بأن معظم كواكب المجموعة الشمسية ليس لها غلاف جوي، وقد رأى العلماء أن الغلاف الجوي لكوكب الأرض والذي يتألف أساساً من النيتروجين N2 والأكسجين O2 تكون عند بداية ميلاد الكرة الأرضية نفسها وأثناء مراحل تكوين القشرة الصخرية لسطح الأرض، فعند انبثاق الغازات الأولية نتيجة لتفاعل المواد المشعة في باطن الأرض تصاعدت الغازات إلى أعلى، ورتبت رأسياً بحسب كثافتها ومدى ثقلها ومن ثم تركز النيتروجين والأوكسجين بالقسم الأسفل من الغلاف الجوي في حين صعد الهيليوم والأيدروجين عند الأطراف العليا لهذا الغلاف، وربما أتاحت هذه الظروف القديمة أيضاً الفرصة لتراكم بعض الغازات الفضائية Cosmic gases وتجمعها حول سطح الكرة الأرضية.

تركيب الغلاف الـجوي:

يتألف الغلاف الجوي أساساً من أربعة غازات هي النيتروجين والأكسجين والأرجون وثاني أكسيد الكربون، حيث تكون هذه الغازات أكثر من 99,9% من جملة حجم الهواء ويكاد يؤلف النيتروجين نحو 78% في حين يكون الأكسجين نحو 21% من حجم الهواء، أما بقية النسبة الضئيلة من الغازات فتتمثل في النيون والهيليوم والميثان والكربتون والهيدروجين والزنون والأوزون والرادون . يقول الدكتور حسن ابو العينين أستاذ الجغرافيا الفلكية

(23) : الغلاف الجوي أو الغازي عبارة عن غطاء سميك من الغازات يحيط بالكرة الأرضية من جميع الجهات ويتراوح سمكه من 100 إلى أكثر من 200 ميل، والغلاف الجوي شفاف بالنسبة للأنواع المختلفة من الإشعاع الشمسي التي تخترقه. وعلى الرغم من أن الهواء أقل كثافة من المياه ومن صخور الأرض، إلا أن له وزناً ويتولد عنه ضغط تبعاً لمدى ثقله .

وحيث إن الطبقات السفلى من الغلاف الجوي تنضغط بدرجة أكبر من تلك التي في طبقاته العليا، فإن كثافة الهواء تقل بسرعة مع الارتفاع عن سطح الأرض. ويقدر العلماء وزن الكتلة الإجمالية للغلاف الجوي بنحو 56 × 10 14 طن.

فوائد الغلاف الـجوي

يحمي الغلاف الجوي سطح الكرة الأرضية من تساقط بقايا الشهب والنيازك من الفضاء الخارجي، حيث ينتج عن احتكاك هذه البقايا الكونية بالغلاف الجوي احتراقها قبيل وصولها إلى سطح الأرض، وفي الغلاف الجوي أيصا تهب الرياح والعواصف، وتتكون السحب وتسقط الأمطار، وتتكون تبعا لذلك الموارد المائية على سطح الأرض، كما أن بعض غازات الهواء

(الأكسجين ) يعتمد عليه كل من الإنسان والحيوان في عمليات التنفس . وينظم الغلاف الجوي القوة الكاملة للإشعاع الشمسي الساقط على الأرض، كما يمنع الفقدان الكلي للإشعاع الأرضي المرتد من سطح الأرض إلى أعالي الغلاف الجوي . ومن ثم ينظم الغلاف الجوي درجات الحرارة، بحيث تصبح مناسبة تماماً لحياة الإنسان، وإذا ما تخيلنا عدم وجود الغلاف الجوي حول الأرض لارتفعت درجة حرارة سطح الأرض إلى نحو 220 ف، أثناء النهار، وانخفضت هذه الحرارة إلى أقل من 300 تحت الصفر أثناء الليل، ويصبح المدى الحراري اليومي كبيراً جداً كمثل ذلك الذي يتمثل فوق بعض كواكب المجموعة الشمسية، وتحت هذه الظروف الأخيرة تنعدم الحياة البشرية على سطح الأرض .

ويدخل في تركيب الغلاف الجوي كميات كبيرة كذلك من المواد الصلبة ممثلة في حبيبات الأتربة الدقيقة الحجم والغبار البركاني والرمال الدقيقة الحجم وذرات الدخان، وتبدو كل هذه الأتربة معلقة في الهواء وتختلف كمياتها اختلافاً كبيراً من منطقة إلى أخرى . ولا ترى هذه الأتربة الدقيقة الحجم بالعين المجردة وذلك لأن القسم الكبير منها شبه ميكروسكوبي الحجم، وهذه الأجسام الدقيقة -والتي تشارك في البناء -لها وظيفة هامة حيث تعمل على امتصاص جزء من الإشعاع الشمسي وكعامل مساعد لعمليات الانعكاس وانتشار الأشعة وحفظ الإشعاع الأرضي داخل طبقة التروبوسفير .

السقف المرئي أوالقبة الزرقاء:

هذا ويعزى اللون الأزرق للسماء واللون الأحمر لغروب الشمس إلى أثر اختلاط الأتربة مع بعض الغازات وقدرتها على انتشار الأشعة الزرقاء والأشعة البنفسجية، ومعنى ذلك أنه لولا انتشار الأتربة الدقيقة الحجم وبخار الماء

مراحل تكون قشرة الأرض والغلاف الجوي وظهور النباتات علي سطح الأرض بعد نزول الأمطار من السحب

الجوي لظهرت السماء على شكل فضاء لا نهائي أسود اللون، يلمع فيه قرص الشمس تماماً كما يرى المشاهد النجوم المضيئة في السماء أثناء الليالي شديدة الظلام.

طبقات الغلاف الـجوي

ينقسم الغلاف الجوي إلى الطبقات التالية:

1 ـ طبقة التروبوسفير: Troposphere

وهي الطبقة السفلى من الغلاف الجوي التي تلامس سطح الأرض مباشرة ويختلف سمكها من خمسة أميال عند القطبين إلى أحد عشر ميلاً عند المناطق المدارية.

وتعد طبقة التروبوسفير منطقة نشوء كل من السحب والعواصف والتيارات الصاعدة وتساقط المطر والثلج والبرد، وتنخفض درجة حرارة الهواء في طبقة التروبوسفيرانخفاضا تدريجياً وشبه منتظم مع الارتفاع عن سطح الأرض بمعدل 1 م لكل ارتفاع قدره 1000 متر.

2 ـ طبقة التروبوبوز:

وهي الطبقة الهامشية الفاصلة بين طبقة التروبوسفير السفلية وطبقة الاستراتوسفير التي تعلوها، وفي هذه الطبقة تصل درجة حرارة الهواء إلى 80 ف، وتتعرض هذه الطبقة لتيارات هوائية شديدة السرعة تعرف باسم

(التيارات النفاثة) Jet Streams وتعمل الطائرات التي تحلق عند مثل هذه الارتفاعات العالية على تجنب الطيران في عكس اتجاه هذه التيارات النفاثة حتى لا تؤثر على سرعتها في الفضاء.

3 ـ طبقة الاستراتوسفير: Stratosphere

تقع هذه الطبقة فوق طبقة التروبوسفير التي سبقت الإشارة إليها من قبل، ولا يتعرض هواء طبقة الاستراتوسفير إلا لتغيرات بسيطة في درجة حرارته. ويطلق العلماء على النهايات العليا لطبقة الاستراتوسفير اسم

(طبقة الاستراتوبوز) . Stratopauase ويقدر سمك طبقة الاستراتوسفير ـ فيما بين الأطراف العليا لطبقتي التروبوبوز والاستراتوبوز بنحو 15 ميلا.

4 ـ 5 طبقة الميزوسفير Mesosphere وطبقة الميزوبور:

تقع هذه الطبقة الهوائية فيما وراء الأطراف العليا لطبقة الاسترابوز. وتبعد هذه الطبقة الأخيرة عن سطح الأرض بارتفاع يتراوح من 45 ـ 50 ميلا. ويرجع الفضل إلى هذه الطبقة الهوائية في حدوث عمليات احتراق بقايا الشهب والنيازك الساقطة من الفضاء الخارجي والمتجهة إلى سطح الكرة الأرضية.

6 ـ طبقة الثرموسفير: Thermosphere

يتميز هواء طبقة الثرموسفير بارتفاع درجة حرارته، بل قد تصل درجة حرارة الهواء هنا إلى نحو 2000 ف ويرجح العلماء أن من بين أسباب ارتفاع درجة حرارة هواء الثرموسفير هو تصادم جزيئات بقايا الشهب والنيازك والأجسام الكونية الساقطة من الفضاء الخارجي واحتراقها وانصهارها في هذه الطبقة الهوائية.

وعلى الرغم من أن سمك طبقة الثرموسفير قد يزيد عن 300 ميل إلا أنها تتركب من غازات خفيفة الوزن جدا، وخاصة غاز النيون والهيليوم. وعلى ذلك تتميز طبقة الثرموسفير بعظم تخلخل الضغط الهوائي فيها إلى حد يكاد يقترب من الفراغ، وأن هواء هذه الطبقة يكاد يكون معظمه في حالة تأين، أي أن ذرات الهواء تتحلل إلى مركباتها الكهربائية

(البروتونات والنيترونات والإلكترونات) وتنعكس الموجات اللاسلكية الكهرومغناطيسية وترتد نحو سطح الأرض، إذا ما اصطدمت هذه الموجات في الطبقات الهوائية من الثرموسفير والتي يزداد فيها درجة تركيز الالكترونات.

ويطلق على القسم الأسفل من طبقة الثرموسفير اسم طبقة الإينوسفير Ionosphere أو طبقة الأثير، ويقدر العلماء سمك هذه الطبقة الأخيرة بنحو 200 ميل.

ويعلو هذه الطبقات الست من الغلاف الجوي الفضاء الخارجي، أو السماء واسعة الامتداد endless space or sky وينتج عن تفاعل الغلاف الجوي مع الأغلفة الطبيعية الأخرى لكوكب الأرض

(الغلاف المائي والغلاف الصخري والغلاف النباتي) حدوث تنوع كبير في درجات حرارة الهواء الملامس للأجزاء المختلفة من سطح الأرض، ومن ثم اختلاف كبير كذلك في مقدار الضغط الجوي واتجاه الرياح وسرعتها وكمية الأمطار الساقطة من جزء إلى آخر على سطح الأرض. وتبعاً لتنوع هذه العناصر الجوية تتنوع حالة المناخ من مكان إلى آخر على سطح الأرض.
ثالثاً: الأمطار ونشأت السحب

يقول الدكتور حسن أبو العينين

(24) : يقصد بالأمطار المياه التي تسقط من السحب على سطح الأرض..

تتعرض المسطحات المائية للإشعاع الشمسي الذي يعمل بدوره على تسخين المياه السطحية وتعرضها لفعل التبخر، وعند صعود البخار إلى أعلى تتكون السحب في طبقة التروبوسفير وقد يسقط منها المطر لتتم الدورة الهيدرولوجية عملها، فالمياه التي يفقدها سطح الكرة الأرضية

(من المسطحات المائية) عن طريق التبخر يكتسبها مرة أخرى عن طريق التساقط كما تضاف مياه جديدة من باطن الأرض للسحب،.ومع خروج الغازات الساخنة عند ثوران البراكين تضاف كميات هائلة جديدة من الغازات إلى الغلاف الغازي نفسه، وعند برودتها تتعرض للتكثف وتؤدي إلى تكوين السحب وسقوط الأمطار، وتعرف الأمطار هنا بالمياه الأولية Juvenil أي المياه الأصلية الآتية من باطن الأرض التي تضاف إلى ما هو موجود من مياه سابقة على سطح الأرض.
أنواع الأمطار:

تختلف أنواع الأمطار تبعاً للطرق المتنوعة التي تؤدي إلى صعود الهواء الدافئ الرطب إلى أعلى Air ascent ثم تعرض هذا الهواء للبرودة والتكاثف في طبقات الجو العليا، وسقوطه على شكل مطر، ويمكن أن تمييز ثلاث عمليات رئيسة مختلفة تؤدي إلى صعود الهواء، ومن ثم ميز الباحثون ثلاثة أنواع مختلفة كذلك من الأمطار: الأمطار الانقلابية أوأمطار تيارات الحمل الصاعدة، والأمطار التضاريسية.وهي الأمطار التي تسقط عند قمم الجبال، والأمطار الإعصارية أو أمطار الجبهات.

رابعاً: الإشارات العلمية في الآية الكريمة

تشير الآية الكريمة إلى ثلاث حقائق تتعلق بالنشأة الأولى للأرض سخرها الله سبحانه لتهيئة الحياة فوقها لبني البشر متمثلة في جعل الأرض لهم فراشا ومهادا وقرارا وجعل سماءها المحيطة بها بناء متماسكا مشدودا إليها لا ينفك عنها، وإنزال الماء من السحاب وجعله سببا في الزرع والنماء والحياة. ويمكن أن تجمل هذه الإرشادات في النقاط التالية:

1) وردت جميع الأفعال بالماضي في الآية وهم

(جعل، أنزل، أخرج) مما قد يعني تعلق النص الكريم ببيان نشأة الأرض وتكون قشرتها الخارجية وتكون الغلاف الجوي الغازي حولها وإنزال الماء من السحب المتكونة من الغازات والأبخرة التي خرجت من باطن الأرض وتسببت بعد ذلك في بث الحياة النباتية على سطحها.

2) قد يشير فعل

(جعل) الذي يعني حول وصير إلى تحول غلاف الأرض الناري وصيرورته إلى الغلاف الصخري البارد الذي صار للناس فراشاً ومهاداً وقراراً وتحول الغازات المنبعثة من باطن الأرض عند نشأتها إلى طبقات الغلاف الجوي المتعاقبة والمتماسكة كالبناء المعهود والمحيطة بجوانب الكرة الأرضية كلها بعد استقرارها كما قد يفيد توحيد الفعل (جعل) لهذين الحدثين أنهما متزامنان أيضا، كما أثبته العلم الحديث وهو ما يتوافق مع قول بن عباس، لأن جرم الأرض الأولية كان بلا قشرة سطحية ولا غلاف جوي.

3) أما فعل

(أنزل) فقد يفيد نزول ماء النشأة الذي خرج من باطن الأرض على هيئة أبخرة وتجمع في صورة سحب كثيفة ثم انهمر لآماد زمنية طويلة على سطح الأرض حتى برد وأمكن الاستقرار عليه، وأخرج الله بهذا الماء النبات والثمار قبل خلق الإنسان، كما يفيد أيضاً نزول الماء بعد عمارة الإنسان للأرض.

4) وتوجيه الخطاب بضمير المخاطبين

(لكم) يعني اختصاص البشر بهذه الأفعال والأحداث تهيئة وتسخيراً لهم مما يرجح كون السماء الأولى في الآية هي المتعلقة تعلقاً مباشراً بأسباب الحياة والنماء لبني البشر وهي الغلاف الجوي للأرض؛ تماماً كتمهيد قشرة الأرض وجعلها فراشا،وانزال الماء من السحب من جو هذه السماء (16)

5) يشير النص الكريم إلى تحول الأرض إلى فراش؛ مما يعني أنها لم تكن كذلك، كما جاء في نصوص أخرى كقوله تعالى:(وَالأرْضَ فَرَشْنـَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ)الذاريات (48) .(الـَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُل )طه (5)(وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ بِسَاطًا*لِتَسْلــُكُواْ مِنـْهَا سُبُلاً فِجَاجً)نوح (19 ـ 20) إن المهاد كما يقول المفسرون هو الفراش الموطأ المعد لراحة الإنسان، وجعل الأرض مهداً؛ أي جعل الأرض في سهولة العيش عليها ويسر التقلب فيها كمهد الصبي.

وقد أثبت العلم أن الارض لم تكن في بداية تكونها فراشاً أو مهاداً و قراراً يمكن أن تنشأ عليها حياة، ثم صارت بعد ذلك كذلك وتحقق كونها فراشاً ومهاداً بتكون السطح الصخري الخارجي لها من سهول وهضاب وجبال، وجعل الله سبحانه وتعالى هذا السطح بهيئة منبسطة مسطحة ممهدة، وجعل لها سهولاً واسعة الامتداد تصلح للحياة التي قدرها فيها ممهدة للسير والحرث والزرع والنماء والحياة..

وهكذا صارت الأرض كما قضى الله ـ عز وجل ـ لها أن تكون للإنسان قراراً وفراشاً ومهداً وبساطا.

6 ـ حمى الله بهذه القشرة الأرضية المستقرة أو هذا الفراش القرار من أخطار اضطراب هذه القشرة واهتزازها وقد ذكرت نصوص أخرى أن الله سبحانه:ألقى فوق سطح هذه الأرض جبالاً راسية راسخة تثبت هذه القشرة لكيلا تميد وتضطرب بمن فوقها، قال تعالى: الله الذي جعل لكم الأرض قرارا وقال تعالى:(وَأَلْقَى فِى الأرْضِ رَوَاسِىَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ).وقال تعالى:(أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَادًا*وَالْجِبَالَ أَوْتَادً)النبأ (6ـ7)

وقد أثبت العلم أن قشرة الأرض تسبح فوق طبقة لزجة شبه سائلة وأن للجبال جذورا ممتدة في باطن هذه الطبقة

(المانتل) لتثبيت طبقة قشرة الأرض الرقيقة فوقها، وقد جعل الله سبحانه قشرة الأرض في حالة توازن دائم فإذا تآكلت بعض الجبال بعوامل التعرية فإن التفاعلات الباطنية في جوف الأرض تدفع القشرة إلى أعلى وتكون سلاسل جبلية جديدة ذات جذور راسخة مغروسة في القشرة السفلية للأرض. ولم يكتشف العلم أهمية السلاسل الجبلية في حدوث ما أسماه بالتوازن الاستاتيكي للأرض Isostasy إلا في نهاية القرن التاسع عشركما لم يكتشف العلم أن للجبال جذورا ممتدة في باطن الأرض إلا في النصف الثاني من القرن العشرين.

كما أن الحركة المحورية للأرض حول نفسها والدائرية حول الشمس والجاذبية المغناطيسية لأثقال الأرض في باطنها لهي عوامل ثبات لهذه القشرة وجعلها قرارا، كما انها عامل ثبات أيضاً للغلاف الجوي المحيط بالأرض أيضا.

7) وصف السماء بالبناء يتوافق مع ما أثبته العلم من أن السماء المحيطة بالكرة الأرضية مكونة من طبقات متعاقبة ومترابطة معاً بالأرض(16) حيث تقوم الأرض بجذب هذا الغلاف السماوي إليها ومنعه من التبدد والزوال بخلاف ماكان عليه الحال عند بداية تكون الأرض وقبل استقرار سطحها،كما بين العلم الحديث أن طبقات هذا الغلاف الجوي المحيط بالأرض تحمي الحياة والأحياء فوقها من أخطار كونية كالنيازك والأشعة الكونية وكهارب الرياح الشمسية التي تتعرض لها الأرض على مدار اليوم والليلة كما أثبت العلم أيضاً أن هذا البناء المحكم حول الأرض يوفر أسباب الحياة عليها وفق سنن محكمة فهو مخزن هائل للغازات الضرورية للحياة كالأكسجين والنتروجين، وهو منظم لدرجات الحرارة الملائمة للحياة فوق الأرض وناقل للسحب وموزع للرياح والماء.

8 ـ تنبه الآية القرآنية بأن الماء أنزل بمشيئة الله تبارك وتعالى من السماء التي يمثل السحاب أطرافها الدنيا الملامسة لسطح كوكب الأرض، وينزل منه الغيث. ومن الآية نستدل على مؤشرات توضح مراحل تكوين المطر ونزوله على سطح الأرض وهو ما يسميه العلم اليوم بالدورة الهيدروجولية، فتسقط الأشعة الشمسية على المسطحات المائية والبحار والمحيطات، وتتعرض مياهها للتبخر وترتفع نسبة الرطوبة في الهواء الساخن الصاعد إلى أعلى، وفي طبقة التروبوسفير ـ الطبقة السفلى من الغلاف الجوي_ تتراكم الأبخرة المائية وتتكون السحب الركامية والطبقية وسحب السمحاق والمزن، كما أنه قد يشير إلى إنزال كتل الثلج الهائلة من خارج نطاق الغلاف الجوي ووصول بعضها إلى السحب واختلاطها بها.ولم يدرك العلم الحديث ابعاد هذه الظواهر المتيورولوجية وماهيتها إلا بعد تقدم علم الأرصاد الجوية، ورصد عناصر الغلاف الجوي على الارتفاعات العالية باستخدام التقنيات الحديثة.

9- وترتبط حياة الإنسان على سطح الأرض واستمرار نمو النباتات الطبيعية والغابات والمحاصيل الزراعية واشجار الفاكهة وحياة الحيوانات والطيور والاسماك بمدى توافر الماء، فهو أساس الحياة وقد جعل الله منه كل شيء حي.

وهكذا تتوافق الحقائق العلمية الحديثة مع مدلولات هذه الآية الكريمة التي أشارت إلى هذه الحقائق منذ أربعة عشر قرناً من الزمان تحقيقاً لقول الله تعالى:(وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ ءَايَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)النم

المراجع والمصادر

(1) بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز2/55,54، المفردات في غريب القرآن للراغب 12وعمدة الحفاظ1/93 2.
(2) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي . 1/259,258. ط: دار إحياء التراث العربي . بيروت . 1405هـ، وإرشاد العقل السليم 1/61. والبحر المحيط لأبي حيان 1/ 237.
(3) سورة الأنعام الآية 1.
(4) المائدة الآية 103وانظر الجامع 1/228، 6/335.
(5) إرشاد العقل السليم 1/61.
(6) سورة النبأ الآية 7.
(7) الإرشاد 1/61. (8) لجامع 1/229.
(9) الإرشاد 1/61.
(10) الجامع 1/229، واللسان 13/543.
(11) الإرشاد 1/61.
(12) إرشاد العقل السليم 1/61. (13) الكشاف 1/46.
(14) الكشاف 1/46.
(15) تفسير القرآن العظيم 1/88.
(16) وهذا الذي اختاره أكثر أعضاء اللجنة العلمية بالهيئة وهم الشيخ عبد الكافي الأبرش والدكتور أسامة خياط رئيس اللجنة، وكل من الدكتورين عبد الجواد الصاوي ومحمد دودح الباحثين العلميين بالهيئة والأستاذ أنيس نور تمسكا بهذا العرف . بينما اختار باقي أعضاء اللجنة أن السماء الأولى في هذه الآية الكريمة هي السماء المحفوظة وأن السماء الثانية هي المطر، وهم كل من الشيخ أحمد أبو الأشبال والدكتور عبد الحفيظ الحداد وإسماعيل القريشي ، وذلك لأن الحقيقة الشرعية مقدمة على العرفية، وقد وذكر كل فريق مسوغات رأيه ودونت في محضر المناقشات .
(17) روح المعاني 1/187.
(18) لكشاف 1/ 46.
(19) د. حسن أبو العينين من االإ عجاز العلمي في القرآن الكريم في ضوء الدراسات الجغرافية الفلكية والطبيعية الجزء الثاني مع آيات الله في الأرض ص 10-13.
(20) المرجع السابق بتصرف ص 101-102.
(21) المرجع السابق بتصرف ص53-58.
(22) المرجع السابق بتصرف ص 183-195.
(23) المرجع السابق بتصرف ص 238.
(24) المرجع السابق بتصرف ص 15-16.
 
https://www.eajaz.org//index.php/component/content/article/66-Issue-VIII/546-Earth-and-the-sky-a-canopy